لكن، وعلى الرغم من أن السلسلة الجديدة من اتفاقيات التطبيع الإسرائيلية العربية قد شكّلت في البداية ممارسة للانتهازية الجيوسياسية، إلا أنها تحولت بعد ذلك إلى شيء مختلف تمامًا، طالما أنّ المنطق الاستراتيجي الذي أسهم في ولادة هذه الاتفاقيات لم يعد على نفس الشاكلة. وبينما تنسحب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، لم تعد دول المنطقة بحاجة إلى موافقة أمريكية للنقاش حول السلام وابتكار سياستها الخارجية.
لا تكفي المخاوف المشتركة من اعتداء إيراني لتفسير التطبيع الإسرائيلي العربي، فالتقارب الأخير بين الرياض وطهران لم يقلّل من حركيّة التطبيع. حتى وإن كانت المملكة العربية السعودية أكثر حذرًا بسبب موقعها الرمزي كحامية للحرمين الشريفين مكة والمدينة المنورة، إلا أنها تُجري مفاوضات من خلال إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب من خلال تحقيق سلام منفصل مع إسرائيل. من جهة أخرى، تدفع الواقعية السياسية بعض الدول العربية إلى تكوين تحالفات استراتيجية مع إسرائيل لتحسين موقعهم الاقتصادي أو السياسي.