الإمام مالك بن أنس هو كما أطلق عليه من ألقاب: شيخ الإسلام وحجة الأمة وإمام دار الهجرة ومفتي الحجاز وفقيه الأمة وسيد الأئمة.. جمع بين علم الحديث وعلم الفقه، وبرع في هذين العلمين حتى عدَّه أهل الحديث محدثاً، وعده أهل الفقه فقيهاً، وهو بلا ريب محدث جليل يدل على ذلك كتابه الشهير “الموطأ”، وهو فقيه بارع يدل على ذلك مذهبه في الفقه الإسلامي المعروف بـ “المذهب المالكي“
وُلد الإمام مالك بالمدينة المنورة سنة 93هـ، ونشأ في بيت كان مشتغلاً بعلم الحديث واستطلاع الآثار وأخبار الصحابة وفتاويهم، فحفظ القرآن الكريم في صدر حياته، ثم اتجه إلى حفظ الحديث النبوي وتعلُّمِ الفقه الإسلامي، فلازم فقيه المدينة المنورة ابن هرمز سبع سنين يتعلم عنده، كما أخذ عن كثير من غيره من العلماء مثل نافع مولى ابن عمر وابن شهاب الزهري، وبعد أن اكتملت دراسته للآثار والفُتيا، وبعد أن شهد له سبعون شيخاً من أهل العلم أنه موضع لذلك، اتخذ له مجلساً في المسجد النبوي
يعتبر الإمام مالك بن أنس ثاني أئمة المسلمين السنة الأربعة الذين يجمع على إمامتهم أهل السنة بجميع توجهاتهم، وهم متفقون على كل الأصول الفقهية، أما المسائل الفرعية التي اختلفوا فيها، فهي التي كوّنت نشأة المذاهب الفقهية الأربعة (الحنفي، المالكي، الشافعي، الحنبلي)، وأبو حنيفة النعمان هو أول الأئمة الأربعة والتابعي الوحيد بينهم، وقد لقي عدداً من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمرجح أنه لم يلتق أياً من الأئمة الثلاثة الذين تلوه، لكن الإمام الشافعي التقى مع الإمامين مالك بن أنس وأحمد بن حنبل، حيث كان الشافعي تلميذ الإمام مالك، وكان شيخ الإمام أحمد بن حنبل، الذي قال عنه “مالك سيد من سادات أهل العلم، وهو إمام في الحديث والفقه، ومن مثل مالك؟ متبع لآثار من مضى، مع عقل وأدب”.
اشتُهر الإمام مالك بعلمه الغزير، وقوة حفظه للحديث النبوي، وتثبُّته فيه، وهو إمام دار الهجرة، وكان معروفاً بالصبر والذكاء والهيبة والوقار والأخلاق الحسنة، وقد أثنى عليه كثيرٌ من العلماء.
اعتمد الإمام مالك في فتواه على عدة مصادر تشريعية، هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، وعمل أهل المدينة، والقياس، والمصالح المرسلة، والاستحسان، والعرف، والعادات، وسد الذرائع، والاستصحاب.
ويُعدُّ كتابه “الموطأ” من أوائل كتب الحديث النبوي وأشهرها وأصحِّها، حتى قال فيه الإمام الشافعي: “ما بعد كتاب الله تعالى كتابٌ أكثرُ صواباً من موطأ مالك”. وقد اعتمد الإمام مالك في فتواه على عدة مصادر تشريعية هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، وعمل أهل المدينة، والقياس، والمصالح المرسلة، والاستحسان، والعرف والعادات، وسد الذرائع، والاستصحاب.
وكان الإمام مالك رحمه الله يتحرزُ أن يُخطئ في إفتائه ويُكثرُ من قول “لا أدري”، وكان يقول: “إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه”. وفي سنة 179هـ مرض الإمام مالك اثنين وعشرين يوماً ثم مات، وصلى عليه أميرُ المدينة عبد الله بن محمد بن إبراهيم، ثم دُفن في البقيع.