أيها الإخوة والأخوات في الله: سبق أن رأينا قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم الذي رواه البخاري في صحيحه بعد ما أجلى الله الأحزاب:(الآنَ نَغْزُوهُمْ وَلا يَغْزُونَنَا، نَحْنُ نَسِيرُ إِلَيْهِمْ). هذا الحديث الشريف قرار خطير ونقطة تحول فارقة في تاريخ الإسلام، يستحقُّ أن نقف أمامه بكثير من التأمُّل والتدبُّر، لما ينطوي عليه من دروس، وما ترتب عليه من تبعات تنفع المسلمين، وتُنير لهم الطريق للخروج من واقعهم الأليم، والمبادأة (أو المبادرة) معناها باختصار: حرية العمل، والذي يملك المبادأة يحرم خصمه من حرية العمل، ويحصر أعماله في نطاق ردِّ الفعل. وإحراز المبادأة من أهم عوامل النصر والنجاح في الحرب والسياسة على حد سواء.