الدعاء لغة: هو النداء، وقد جاء في القرآن الكريم بعدة معاني أخرى منها: العبادة، والاستغاثة، والحث، والسؤال، والقول، والتسمية، وغيرها، والدعاء اصطلاحاً: هو رغبة العبد إلى ربه عز وجل وطلب معونته واستدعاء عنايته واستمداد رحمته وتوفيقه، وذلك بأن يظهر العبد الافتقار إلى ربه، وأن يبرئ من حوله وقوته، والدعاء هو صفة العبودية والتذلل البشري للخالق العظيم سبحانه وتعالى
قال صلى الله عليه وسلم-: (الدُّعاءُ هو العبادةِ)، وفي الدعاء ثناء على الله، وإضافة الكرم والجود إليه، ويسمى الدعاء أيضاً سؤال.
والذكر لغة: هو القول باللسان وعدم النسيان، وقد وردت كلمة الذكر في القرآن والسنة بعدة معاني، منها القرآن، والرسول، والموعظة، واللوح المحفوظ، وغيرها، أما تعريف الذكر في الاصطلاح: فهو ذكر العبد لربه -تعالى-، إما بالإخبار عن أسمائه، أو عن صفاته، أو عن أفعاله، أو عن أحكامه، أو بتلاوة قرآنه، أو بسؤاله ودعائه، أو بإنشاء المدح والثناء عليه بالتقديس والتمجيد والتوحيد والحمد والشكر والتعظيم، قال -تعالى-: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} والذكر يكون بالقلب وباللسان، ويشمل جميع أنواع الطاعات والعبادات.
ذكر ابن القيم رحمه الله أن الذكر أفضل من الدعاء، لأن الذكر هو ثناء على الله تعالى بجميل أوصافه، وواسع آلائه، أما الدعاء فهو طلب العبد حاجته من ربه، فشتان بين من يثني على الله ويمجده، وبين من يقول: يا رب أعطني، ولهذا فالمستحب في الدعاء أن يبدأ الداعي بالثناء على الله، والحمد والتمجيد بين يدي الحاجة، وألا يبدأ بالدعاء مباشرة فيقول: يا رب ارزقني، وإنما يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله، ويعترف بعجزه أمام ربه، وفقره إليه، وتقصيره، وظلمه، ويتضرع إلى ربه عز وجل ثم يطلب حاجته بعد ذلك، فهذا أقرب وأدعى للإجابة بإذن الله وقد علمنا ربنا تبارك وتعالى كيف نحمده ونثني عليه ونمجده وندعوه، وذلك في كثير مما ورد في القرآن والسنة وعلى رأس ذلك كله سورة الفاتحة، ففيها الحمد والثناء والتمجيد والافتقار والاستعانة وطلب الهداية والتوفيق والنجاة، ومن ذلك قوله - تعالى حاكياً عن يونس عليه السلام-:{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ} ومنه ما جاء في الحديث النبوي: (سمعَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ رجلًا يدعو في صلاتِه لم يُمجِّدِ اللَّهَ ولم يُصلِّ علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عَجَّلتَ أيُّها المُصلِّي، ثمَّ علَّمَهم رسولُ اللَّهِ. وسمعَ رسول اللَّهِ رجلًا يُصلِّي فمجَّدَ اللَّهَ وحمِدَه وصلَّى علَى النَّبيِّ فقالَ رسولُ اللَّهِ: ادعُ تُجبْ وسلْ تُعْطَ)